الأحد، 20 نوفمبر 2016

عبير وردٍ ملغوم بالفلسفة








• حين يتوقف نبضي عن الحياة، وينامُ الشعور بالأصدقاء،تستيقظ أحزاني من سبات الليل، وتظل تنهش قلبي بأسئلة الحنين، هنالك أنسى روحي عند اللانقطة، وأحتفي بالوحدة والعزلة كمقاتلة قديمة، سئمتْ من التناسي، وفلسفة حسن الظن، تصلحُ نبتة ظل منكفئة، وتصلحُ طفلة تنتظر حلوى غزل البنات، وتصلحُ فتاة روضةٍ  بذاكرةٍ ممحية، وتصلحُ مراهقةَ همَّها شراء هاتف الآيفون، وتصلحُ مقامرة على وصول الإنسان للمريخ، للخروج من هذا العالم المليء بالخداع، والمجاملات، والنفاق، والعنصرية التي مارستها ضدي أقرب صديقاتي الرافعات لشعار الثقافة.


• لايجوز في هذه اللحظة إلا أوقف سيارتي، وأطلب من نادل المقهى المنزوي وحيدا، فنجان قهوة بنغازية، تعيد لي رائحة روحي، التي غابت بين زحام الوجوه منذ أيام، كانت بنغازي ترطن بأصوات القذائف، وتتدفأ بالأدخنة المتصاعدة شمالها، وغربها، الشريط الساحلي طويل  متعرج  ينفث الغضب، الناتج من  زكام الرصاص، وحواريات العشوائي التي تلقي برسائلها النصية، على الأحياء القريبة من محور الصابري، وسوق الحوت، سرتُ على آبهة لأبواق السيارات، ولا للطابور الممتد أمامي ـ الذي يعبر ويجول هذه الشرايين المتقطعة من بنغازي، لايلوي على حياة، ولايأبه لأمر الموت ـ تعلمت هذا في هذه المدينة، ألاَّ أخرج إلا و روحي في كفي، وفي كفي الثانية قهوتي المجنونة، وعقلي تدور رحاه كما الحرب، ينظر لبنغازي وهي تتنفس من رئة البحر، ويسأل الله ألا تختنق من الضباب، وعجاج الساسة، لقد بصق البحر في وجوههم عشرات المرات، لكن وجوههم (صاحَّة)، وباردة، قالت لي إحدى السبخات في حكمة بالغة: أعلم أنَّك مازلت تسيرين حافية، فوق صدر الملح، وأعرف أنك تتداوين من بياضي، وتنكأين جراحك بذر الملح عليها، أنا لا أنسى من يحبني، لكني أرمي بالحصى، كل من حاقت به لعنتي، وهؤلاء لا يليق بهم سوى ابتلاع البحر لهم.

• كنتُ أنتظر أن يتجشأ بحر بنغازي الشمالي، كي يلفظ الكثير من الأسرار المعبأة في جعبته لكني عوضا عن ذلك وجدت فكري يتجه لثنائيات الذاكرة والنسيان، واللعنة والبركة، والنعمة والنقمة، والشرعية واللاشرعية، والأوفياء والخونة، والثواب والعقاب، ونحن وأنتم، والشرق والغرب، والمنطق واللا منطق، تنهَّدتُ وأنا أعلم لأي درجة نحن غارقين في القمع والاضطهاد الفكري، والعنف العقلي، والمساواة والعنصرية، فحين تتحول أدوات المعرفة لهذا الاتجاه، يصبح إصدار الأحكام حالة جدلية، وليس نتاجاً معرفياً، يشرح الظاهرة والمفهوم،  وتتحول الثنائيات بدلا من منطق التمييز، إلى منطق المخايرة، حتى يصعب أن نأتي بالحلول، مادام كل طرف يختار نفسه على الآخر، وبالطبع هذا ليس علاجاً ناجعاً لمنطق الثنائيات إذا أردنا أن نفلسفها طبقاً للمعرفة العلمية، والخلاقة، التي ثمارها الإنسان ولا شيء غيره.

• كان آينشتاين يحضرني، و يقول لي لابد للفعل الأخلاقي أن يأتي بقوة، ويعتمد على قوة المعرفة في إنسانوية فلسفة الثنائيات، بحيث تُناقش من باب التعاطف الإنساني، والرابط الاجتماعي، والمنظور الأخلاقي، مهملاً الدين باعتباره مأزقاً يضع الإنسان في موقف حرج أخلاقيا، أما نحن بشرقنا وغربنا فقد تجاوزنا المأزق ـ وخرجنا منه إلى اللامأزق، بالرضا عن الثنائيات والبقاء في هذا الوضع الفصامي حتى ساعة قيام آينشتاين من قبره.

• وهآنذا أخرج من جزيرة الدوران قرب نادي الشمال في بنغازي، لأدخل في زحام الأسئلة ووجه ريكور يُطل من الزجاج، متسائلاً عن فقدي الكثير من نشاطي، وتأخري في الكتابة، والتزامي الصمت، وبقائي وحيدة، مبعدة، مقصية في ركن بيتنا، مكتفية بمراقبة عيون النوافذ، وألسنة الأبواب التي تعشَّبت من الدعاء لله بالفتح، والنصر، فيرد هايدغرعن سؤال ريكور ليقول له أن القلق ظاهرة طبيعية، ولابد لها أن تقلق حتى تثمر الكتابة بمبادئها الخلاقة، ومناحيها المتعددة، هناااك في الزاوية البعيدة كان هيغل يراقب الحوار في سخرية ماحقة، جعلتني أنكفيء على نفسي في خجل، وأغلق باب عقلي، فثمة مذاهب تتحشَّد في رأسي، وهيجل يرفض مناحي تفكيري، ليقول لي عزة الفلسفة أن نقول مالايمكن أن يُقال! لكني أجبته في قرارة نفسي: أليست الحالة الليبية كذلك؟

• ماذا عن قلبي الذي سقط على غفلة مني، في ميناء مهجور، يبحث عن هواء صالح، لتربة مالحة، وماء يروي قصة المدينة التي تتنفس من رئة البحر، ماذا عن روح تتخبط داخلي، وتعيش كفراشة قريبة من النور، تقترب وتخشى الاحتراق، تغترب وتخشى الانطواء، تفترش لحاء الشجر، لتتوحد في غربة ذاتٍ عميقة، وبعيدة المدى، ماذا عن سلام أبيض يرفرف في القلب، وبياض روح تنتظر الوطن، وبوادر نصر تلوح في الأفق، ماذا عن طائر النورس، ومالك الحزين، ونافذة وعينان، ووحيدا مثلي، وقبل أن يشيخ البحر، والذي  لايموت، وأسئلة ليست من إنشائي، وليبيا المستقبل.

• آآآه سأبقى كمواطنة ليبية متجذرة في طين هذه الأرض، وألون جداري، وأستمر في زرع أصص الزهور، وأدعو للإنسان، وأنسنة كل شيء، لأن هذا طريق الخلاص من التمييز، والطائفية، والمذهبية، والعنصرية، والحروب القائمة فيما بين ثنائيات الشعب الواحد، سأبقى لطالما بقيت طواحين دون كيخوت، هاهو يُقبل متسائلا: أمازلت تحلمين بليبيا الجميلة أن تعود؟
• أوقفتُ سيارتي، عند وصولي لتقاطع الجزيرة الثانية بعد نادي الشمال، وبين التقاطعات الأربعة كانت الفلسفة تحاصرني من جديد، وكنتُ أريد النزول من سيارتي، لولا أن أحدهم أطلَّ من نافذة سيارته مُعلقاً: يا أستاذة حتى تكون طريقة إيقافك للسيارة مثالية، يجب أن تتقدمي عن دائرة الجزيرة قليلا، تأخذي الطريق على بعد مسافة، وألتفتُّ إليه، وإذا بمدينة أفلاطون المثالية تبرق كفكرة من رأسي، لأجدني أجيب عن سؤال دون كيخوت: نعم… أحلم بليبيا وإن كانت المثالية بعيدة لكني مثلك أفلاطونية بعض المرات… ستأتي ليبيا… وبعدها نفكر في المثالية حين نجد أنفسنا قد وصلنا إلى اللامثالي

ذات تخاطر معهم .

الاثنين، 7 نوفمبر 2016

متى تأتي ؟









 يقددني 
هذا الذي اسمه شخصك
على قارعة الانتظار 
يشنقني فوق مقصلة الحنين 
من أجل يوم غائم 
يصلح للأحكام الغيبية ....
هنالك أتناول تذكرة الصعود 
لذاكرة مرهقة بغيابك ....
أعبر قطار المسافة بيننا 
والمسافة في مدينتي مصابة بالشيخوخة 
والأكزيما ...
والندوب والحفر !!

* في الطريق إليك ....
أنسى ظلي في حانة لا ترتوي
من الحلم بك ...
أترك معطفي وفنجان قهوتي 
مع نادل يقرأ كوخ العم توم 
لحبيبته السمراء ...
أقتفي أثرك ــــــ
وراء رائحة العطر الفرنسي 
العالقة في ليل شعري ....

*حبل الطريق إليك طويل !
فهل أقطع سرة المسافة 
لأعبر إلى ضفة احتمالات رؤاك 
و أتجاوز معادلات الخيميائي عن الرصاص ؟؟!

* كل شيء يعربد عند الطواف إليك
حتى الساعة تفقد ساقيها وعينيها وشفتيها 
حتى السائق مُنع من التجول في ليل بنغازي 
والليل ياحبيبي فوق السبخات لا يرى 
هذه المدينة كقلبي السجين ..
تنتظر الحلول مثلي ...
تحاول أن تجلب مفاتيح الدولة من ماء البحر 
والبحر استمع على حين غفلة منا 
لحكاية أم بسيسي 
بسيسي التي لم تجعل الوطن ينام لهذه اللحظة !
ـــــــــــ

أم بسيسي في المأثور الشعبي الليبي حكاية ترويها الجدات ، تعتبر لامنتهية .

الجمعة، 4 نوفمبر 2016

ومازال










·        حاضر أنت فوق مشانق الذاكرة ، تملك القدرة على جعل مقصلة التمني تبدو كأنها منصة فسيحة للعتاب ، مازالت الأزمنة تحتمل المزيد من احتمالات حضورك ، فيغرق صدرها بضجيجٍ يصدح بأسفار البوح نحو عالم سامٍ ، خالٍ من الغبار ، يتموسق كسيمفونيات تؤرخ لتراتيل ليبية ذبذباتها حنين .

·        من ذريعة النظر في عينيك استطعتُ حمل الإلهام على البوح لقلبي قصائد ألهمتني اقتراف الشعر ، كنتُ أتعثر في غيابك كالعمياء ، أرنو لجدارك لأستند عليه بحجة أن الحياة تمضي أيضا بمن هجرونا ، كان الأمل ، و حفيف اسمك ، وهدير صوتك ، و فوضى حضورك ، وقهوة شفتيك ، و أشياء أخرى تمثل فصولاً لربيع يجتاح عمري ، يرفعني فوق أعالي شجرة سرو عتيدة ، أو صنوبرة مُضمخة برائحة الحنين ، أو صفصافة تقاتل ذكورية العالم بالأمومة .


·        مازلتُ أحبك ، أيُّها الوطن ، لا أحد يستطيع أن يسلب هذا الحب مني ، إنه الرباط الروحي المقدس بيني وبينك ، ومثلي الملايين قد شدوا وثاقهم لك ، دون أن ينتظروا العبور من أحد.

·        مازلتُ تلك المراهقة التي ترسلها والدتها لبيت الجيران لتحمل طبق الكسكسي يوم الجمعة لجارتنا الوحيدة التي لم ينقطع يقينها بالله ، وبالدم الليبي ، مازلتُ تلك الفتاة التي يروق لها أن تتسكع في أروقة بنغازي ، لتقرأ ملامح البيوت الصامتة ، وتتلقى رسائل الحنين من أعلى باحات المدى ، من المآذن ، وواجهات المحال ، تترجم آمالها ورجاء العناوين في العودة للحياة ، مازلت أُطل برأسي من وراء باب بيتنا ـ لأصيح بمحمد الصغير ، كي يحضر لي الخبز ، وبعض الخضار ، مازال هنالك وطن يجمعنا ، ومازالت ليبيا تمضي بهؤلاء البسطاء ، أ تراك هنا بالقرب ؟ أريد أن تتسلق معي كتف نجمة ، و نلتقط صورة من فضاء العالم ، لهذه المدن المغمورة في قاع الحنين ...


·        انظر هنالك ، مازال الخبثاء يتعثرون ، ومازالوا يسقطون ، ومازالوا يفقدون القدرة على التواصل مع ذواتهم ، مازالوا لا يجيدون ترتيب  جملة مفيدة تجعل  قلوبهم مُخلصة ومُحبة لليبيا ، نحن هنا نصنع البياض ، ونبعث ضوء الشمس على الطريقة الليبية ، نهاتف صديقاً غائبا عنا ، أو نرسل معايدة ، أو ندعو جاراً لفنجان قهوة ، أو نقيم حفلاً بسيطا بمناسبة نجاح طفل ، أو نكتب منشوراً فيه مزحة ليبية و آخر دموعنا أن نشتكي الله من هذا الطابور الطويل الذي يعجُّ بأسماء المخادعين ، فنرسمهم بفرشاة كما رسمها حسن دهيميش ، نعريهم من أقنعتهم الكاذبة ، نوثق بالمقابل صوراً تعشق الوطن ، و مقالاً ينادي للإنسان ، نسقي شجرة سرو ، أو نحيد الفأس عن صفصافة تمدُّ عنقها للسماء ...


·        مازالت تربة الوطن تستوعب الياسمين ، و الجدران الصامتة تستوعب خربشات أقلام التلوين ، وأبواب السؤال تحتمل إلحاح الطارقين من أجل سلامة الوطن ، مازالت القلوب تخفق بنبضات ليبيا ، و تطرق الرأس مفكرة بطريق يحملنا نحو مواكب النور ، لا تترك كفي من يدك ، فأنا حالمة كبيرة ، و أمارس لصوصية الحلم  بدرجة باذخة ، أسرق من كنف السماء نجمة ، أغمرها في قاع سبخة بنغازية ، وأخرجها مغتسلة بماء هذه الأرض ، ثم أعلقها على صدر الليل ، لأراها تشع من النور ، وتكتب فوقها سيمياء السماء أسماء المدن التي تعجُّ بأسئلة الحنين ، وتتساءل عن مواعيد ابتساماتها ، و عراجين معبأة بحكايا التوق ، والشوق ...


·        لا تترك كفي لأنني سأمضي بك ، و إن تعثرتُ بالمسير ، لكني لا أتخلى عن واو وحيك ، وطاء طربك ، ونون نسيمك ، عليك أن تُنصت لهذه الأصوات الشريفة ، وتشاهد الأكف الطاهرة ، التي لم تتلطخ بدمك ، عليك أن ترى هذه الأرواح الإنسانة التي ترسل الحب ، في دعوات السلام ، ومصالحات الوطن ، لا تحزن إذا فشلت مرة في جمع الوطن ، عليك أن تؤمن ما دمنا نؤمن بالله ، أن ليبيا من نسل لا ينقطع ، ومن حسِّ لا يموت ، ومن دقيق معجون بخبز المحبة ، ومن حنِّاء محنِّة ، ومن نطفة لا تموت ، عليك أن تؤمن أن الخير الذي يمتلئ بك ، مازال يعيش فيك ، ومازال يمكنه أن يفعل الكثير ، و يرمم المزيد من الجدران المُتصدعة ، و يعالج الشقوق التي اُبتلى بها الوطن ، و يمكنه أن يزرع زهرة ، أو يرسل لعزة أصيص زهور ، أو نبته ظل جميلة ، خاصة تلك التي يليق بها أن تُسمى بأسماء الملكات ...هل تذكرني حين أضحك و أنا أكتب " و أمنح نباتات ظلي أسماء الملكات ....


·        مازال الوطن في القلب يرسم ليبيا كاسم ضارب في جذر الوجود  ...لا يموت ولن ...ولن 

الجمعة، 28 أكتوبر 2016

التفـــاحة




التفـــاحة ـــــــ







في الضحى
أمنح الشمس قارباً
ومجدافين من أناملي المدورة
أغمسها في صحن إفطاري
فأثمرُ طفلةً...
يغويها البيض المقلي
أتدفأ بخيوطها الناعسة
كعينيك الانطوائيتين
لأصنع أرجوحة تكفي
ليوم بطعم المشمش..
الطازج...!
يا حبيبي...
الأشياء المدورة ذات جاذبية أكثر
إنها لا تعرف المساواة
ولا تهتم بأغلفة الكتب
ولا يشدها هوس فيثاغورس
بالمثلث...
والزوايا القصية والنائية...
الأشياء المدورة كساعة يدي
تحترم مواعيدك بين معقوفتين
لتمنح الحصار مفهوما
ثلاثي الأبعاد عن الإنسانية
الأشياء المدورة كشفتين كاملتين
تختصران الشوق إليك
لتسردا تاريخ الظلم والحرمان
في قبلة...
كقرص الخبز يظل خاضعا
لاحتمالات النسبية
والجوع...
والحياة...
الأشياء المدورة كالبرتقال حين تتفتح مساماته
على صقيع البرد...
يقشره الحنين بأصابع مرتعشة
ثم تفككه الأشواق...
إلى قوارب مبللة
الأشياء المدورة كالنهد
حين يختزل شبق اللغات
في الكلمات المتقاطعة
والحليب
والرغبة في البوح
كحب الرمان...
لا تملك إلا أن ترويه بالسكر
وزهر شفتيك.

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

إشهار موقع جديد لمجموعة سمراااء متخصص في السرد فقط














المُختار في دليل المواقع الليبية
من قبل الموقع المتميز ليبيا المستقبــــــــل .
يسعدني إشهار موقع جديد لسمراااء على صيغة info.
متخصص في السرد المفتوح ، والسرد الشعرونثري .
أهديه لكل أصدقائي بلا تمييز ، و أخصُّ بالذكر أولئك الذين يهبون الضوء بلا تردد
إنهم رُسل النور في مسيرة حياتي الأدبية .....أحبكم جميعاً .
للوصول لمواقع سمراااء ـــ النقر على الروابط في المنشور

الأحد، 23 أكتوبر 2016

قهوة







أحبُّ القهوة ...

التي تجرني إلى وجهك ....

 تتمايل الكلمات على خصرها

وتتساقط ركوة في بئر الفنجان

طرقات أعبرها حافية إليك ,,,,

أُلطخ قلبي بشبق الرائحة

أترنح ,,,,

أفقد وعيي عن صباحات العرب

والأخبار العاجلة ,,

وحبهم لاستكشاف المؤامرات

 ثم أغيب في زهايمر يأخذني لك 

أحبُّ القهوة

و أحبك ...

و أحبُّ الأرواح التي تلتهم وجهي في صفاء

تبحث في تفاصيلي ...

عن منابت طيبتي

وتغضُّ النظر عن عفويتي

أحبُّ أصابعك المتشققة

من الجفاف ..

أيُّها الأزدرخت القديم

البري ، الفوضوي

الذي ينفر صدره من الغبار

لكنه  مائدة تفرش باحتها لهوسي وجنوني ...

هذا جميل ..

مادمت كأشغال التريكو التي أدمنتها.....



الجمعة، 21 أكتوبر 2016

أريدُ طواحين هواء تدور من أجلي







*أحملُ علبة تلويني ، وفرشاة ، وقلم فحم ، ورصاص ، وجير ، ألفُّ شعري كعكة مدورة على قمة رأسي ، أنزع أقراطي ، أجهز روحي لطقوس الكتابة ، يغريني قلم الكحل الأسود ، فأخط به جفني ، و أمرره على الحسنة الخفيفة أعلى شفتي جهة اليسار ، ثم أكمل وضوئي الرومانسي بأحمر شفاه أحمر ، أجعله يبدو جاهزاً للفرح ، لطقوس الهروب ، لبساط ريح يحملني فوق كفيه ، أو كتفيه ، أو على رحاب صدره ، مالفرق ؟ ريثما تطلق الحياة سراحي ، سأكون قد أنشأتُ حقولي ، و أطلتُ في عمر نباتات ظلي ، و هذَّبت شعري دون الحاجة لصالون التجميل ، ريثما تطلق الحياة سراحي من عنق الزجاجة الذي علقنا فيه جميعاً ، سأشتري فستاناً بدون أكمام ، مصمم لامرأة سعيدة مثلي  ، أفكك أزراره ، و أترك للندوب التي تقبع في سكون الحرب فوق عنقي عارية ، يشهد على أنينها خواء عقول ساستنا  الرهيب  ،  سأشتري حلوى غزل البنات ، كطفلةٍ تنتظر البائع ، تحمل نقودها في انتظار العبور العظيم ، العبور الذي يتلخص في تلوين شفتيها بالأحمر ، أتناولها و أنا ممتنة للزمن الذي كفل سلامة البائع الجوال في حانة الشارع ...

*بكم يبيعون الضمير يا دون كيخوت ؟
أريدُ طاحونة هواء  تدور من أجلي ، تجعلني أعبر مسافات الحلم ،  أختصر دوران الطائرات الليبية حول العالم من أجل تحقيق التوافق ، في قرية ليبية صغيرة ، و أوفر مصاريف الفنادق الشاهقة والمترفة في مربوعة بسيطة لقروي حلمه العظيم وصول خط الانترنت لقريته  ، هذا الذي يستقيل من أجل سعادته عظماء السياسة في الغرب ، أريد طاحونة  تضخُّ الأموال الطائلة إليها ، وتبعثر أطباق السوشي الكاذبة ، لتضعني أمام  طبق ليبي شعبي ، نتحدث حوله بلغتنا البدائية ،وبملابسنا الشعبية  و نوجِّه أصابع الاتهام لبعضنا دون تكلف ، نعري جلودنا ،  ننزع الأقنعة المزيفة ، نُخرج الأزمات المختزلة في صدورنا ، الاحتقانات التي خلَّفتها الإبر المخدرة ، الجفاف ، والأكزيما ، والنزف ، والندوب ، والعار ، لنشتري ليبيا ...

* آآآه يا دون ....أريد حلماً نبيلا ً ، لا أحد يستطيع أن يسلبه مني ...
 يهبني السكون مقابل ابتسامة امتنان لا أهبها لأي كان ،  يحملني فوق مناكب حلم يتراءي لي فيه أنَّ ليبيا ملكة جمال الكون ، وتاج ملوك المدن ، و تمثال عشق ، و أيقونة الفرح في هذا العالم المليء بالأوجاع حتى نخاع الماء ....

 *أطلي مدينة الملح بلون السبخات الأبيض ، و أشرع النوافذ نحو الجهات ، أبني للطيور أعشاش فوق باحاتها العتيقة ، أُعطر شوارعها برائحة الحنين ، وحكايا السرد الشائقة ، أفتح بيوتها باباً باباً لأروي قصص البيوت الغائبة في عتمة الزمن ، لا أريد أن تغرق بلادي في الحزن ، وهي مازالت شابة صغيرة ، لا أريد أن ترتدي ليبيا عباءة ليست على مقاسها ، ولا ثوباً قماشه  مصنوع خارج حدودها .....

*من لي في هذا الليل غيرك ؟، أتعايش على صورته ، و أقتات الحياة من مضمون معانيه ، و أتسربل كحكاية  تمضي بين الأزقة ؟ ، لتسرد أمانيها في بساطة عميقة ، من لي بهيرودوت ليعيد على مسامعي كيف كانت ليبيا !، ويستحضر بين دفتي التاريخ الأرواح التي عبرت أزمنة  المجد الليبي ، وتركت أسماءها عالقة دون أن يطالها غبار النسيان ...!!

*من لي بكفِّ دافئة تعتقني من إصفرار هذا الخريف ؟، تعيدني من زمن الغياب إلى آنية الحضور ، تغربل ذكرياتي في ألبوم يحتويني ، وتحضرني في إحدى صفحاته صورة دون كيخوت ، وهو يطوي يقينه في قلبه ، ويمنح روحه لطاحونه تدور به في رحى الهواء النقي !؟

* سأهرب لمرافيء مهجورة ، كي آمن على قلبي الصغير من براثن الرهاب ، أتزين بإسوارة غدامسية ، أمتطي حصاناً أبيض ، أُطهر العالم بمسحوق الطيبة ، أنثرُ باقات الورد ، أطلق سراح اليمامات الأسيرة في أبراج المدن المحتلة ، أحرر المآذن الصامتة  ، الغارقة في دهشة تغير أحوال الائمة ، أزرع المزيد والمزيد من الياسمين ، و الريحان ، و الشماري ، و البطوم ، والخروب اللذيذ ، والإكليل ، والورد البلدي ، أُحيل حزن الشوارع النازفة إلى ابتسامات ، أتركها تنمو حتى  تتكدس ، و تملأ موانيء ليبيا ، ثم أشحنها للعالم ، و أكتب على صناديقها : ابتسامات فرح لعلاج حزن العالم ، مدة الصلاحية " مادام هنالك أمل ، بلد المنشأ : ليبيا ...