الجمعة، 15 ديسمبر 2017

لهجــــات .








أنا التي أسرجتُ حصان الليل ، و أطلقت العنان لخيولِ السؤال نحو مُقل الإجابات ِ، أدورُ بين حانات المدينة والمقاهي الملقاة على أكتافِ الرصيف تائهةً ، أُشعلُ فتيلَ الغياب لأبحثَ عمن تاهوا بين مسارب المسافات والغبار ، أترك بدايات النهار لعبور الضوء ، مُحلقة ً على جناح عنقاء ، انبعث جسدها من أمم الرماد !




مازلتُ صديقةَ الوحدة ، رفيقةَ العتمة التي لا تسمح للضوء بالتعارف معها ، مازلت ُأرافق الأواني الغارقة في لهجات الطين ، أستحضرُ في هدوئها حديث أمي ، ولغة الصلصال ، مازلتُ صديقة الشجرة العجوز في حديقتي ، أُُسند رأسي إلى هيكلها العظمي ، و أعدها ألاَّ أحولها لمقاعد ومناضد حزينة ، مازلتُ أغمرُ كفي لأغيبَ في تواريخ التقاويم ، أبتسمُ عن يومٍ ذهب كورقة خريف ٍمُصفَّرة ، أتذكرُ فيه مَنْ حملوا أمتعة الرحيل إلى مدن لا تنبس ببنت شفة ، مدنٌ تخضع لمناسك الغبار ، وطقوس السكون الأبدي !



أنا التي تركتِ اللوحات عالقةً على الجدار ، أحاديث لبيكاسو قتلتها رهبانية السؤال :

عن القتلِ ، عن الخراب ، و الهجرة ، و الفراق ، عن الرحيل ، وعن الإرهاب ، 
عن أعشاش بلا طيور ، وبيوتٍ حاصرتها شيخوخة التراب !


أنا المبللةُ بأحاديث المساء ، وحنين الصباحات الغائمة للمطر ، اشتياقُ العصفور للنافذة ، توقُ الكرسي الوحيد على الشاطيء لحديث الغريب ، اجترارُ الذكريات لموج البحر ، اكتراثُ الأزهار الذابلة للبلل !

مازلتُ أغردُ خارج سرب الوقت ، أحملُ ظلي على الرصيف المعبأ بأسئلة المارة ، و أبارك علاقة العشق بين كرسي المقهى وعمود الإنارة القريب ، مازلتُ أُجالس المناضد الوحيدة ، الغائبة في عتاب الغرباء ، أدندنُ لها بموسيقى الناي ، والعود ، والكمان ، أصيخ سمعي لشكواها ، ثم أعترفُ لها بأنهم أبناؤها الذين سلبناهم عنوةً من لبِّها ، مازلت أشبهُ ظلي ، أتسربلُ في المدن الضائعة دونما هوية مكان ، أمضي ويقيني في قلبي ، أنني إنسان ...أنني إنسان ...

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2017

مازال الله يرانا




 يقول لي حبيبي تعالي 
لنقتل كل يوم سياسيا من بلادنا
نشرب من دمه ...
ونقوم بترحيله إلى المقبرة 
تعالي نسقي بالمطر
تربة هذا الطين 
ونبارك للسماء قبلاتها له 
يا حبيبي ...
مازالت الحرب كآلة الكيتشن
تطحن قلوبنا ..
وتزعجنا بنفيرها كل يوم
مازالت المآذن تخون صلاتنا 
وتعقد صلحها مع نواطير الليل
مازالت وسائدنا تهزم أحلامنا
ومازلنا نسقي نباتات يومنا 
بدموعٍ ...
وشِعرٍ ....
نتسلق أسوارنا لنعبر
ذلك السياج المكتظ 
بالحقد و القهــــــــــر
ياحبيبي ...
هذا العالم ذئب كبير
يلتهم بلادنا على مهل 
قال لي الله ...
هذه الأرض مِسك الجنة 
في أرضـــي ...
أنَّها آخر نبيات السماء....
رأيته يتجول في طرقاتها
يطلق يده الرحيمة 
في شوارعها,,,
ويسبغ عليها من عطفه
ما يكفي لأن نضخَّ
منه أطنان حب لهذا 
العالم الشائك ...
أريد أنْ أكنس الحزن 
من مقلتيها ...
و أضيء عينيها بقناديل
تشعل ظلام الطريق...
أريد أنْ نرسمها 
بعيون تحب الزهور
وقلوب تقامر الشمس
كي تظل في معراج
الشروق ..

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

أنا و فيسوافا








تقول لي فيسوافا 
تعالي نحرث في الهواء 
ذلك الدخان المتصاعد للسماء
ونُمشِّط شعر الغيوم 
ربما سنبدأ بداية أخرى 
تنظف المكان 
من قمامة الحرب 
كانت فيسوافا تنمو في قلبي 
كأصيص يفترش الضوء 
ويصلي صلاة الظل 
كلما توضأت بقصيدةٍ
تشكلتْ على شفتيَّ 
بلادٌ من اليقطين ...
مازلتُ أركض وراء ظلي
ألعقه كبرتقالة متجعدة
من خشونة الحرب
أعيد تلقيح الأفكار المُهجنة 
أحولها إلى منمنمات صالحة 
لشرب الحياة 
أتقيأ كسادنا الأخلاقي 
على سبورة مدرسة .
في بلداننا يا فيسوافا 
السياسي سمكري 
صاحب خيال خصب 
يعتقد أنَّ بلادنا الكبيرة 
مجرد سيارة أهداها له والده 
بمناسبة نجاحه في الانتخابات 
لذلك مازال يمكنه أن يقودها
إلى سوق الخردة ....
حيث لا أحد يمكنه تنظيف المكان !
هامش :مستلهم من قصيدة فيسوافا شيمبورسكا البداية والنهاية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا وفيسوافا 
من مجموعتي نصوص فيسوافية