‏إظهار الرسائل ذات التسميات تجديد / مقهى في آخر الشارع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تجديد / مقهى في آخر الشارع. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 13 مارس 2016

تجديد / مقهى في آخر الشارع








مقهى في آخر الشارع .








مثل عمود إنارة وحيد ، كان مركوناً في زاوية الشارع الطويل ، محشورا كطفل مراهق بين البيوت الكهلة القديمة ، والواجهات الغارقة في هدأة السكون ، شارعٌ ممتد كما ذراع تلتف على كتف مترهل من الخيبات ، وطول الوقوف على منصة الرصيف .

مقهى في آخر الشارع !
ورِكوة البن تغلي برائحة الجنون و اللهفة ...
للسيدة السمراء الجالسة بقميصها الأزرق بأزراره المفتوحة للريح .
لتنورتها الطويلة التي تتدلى كجديلة شعر طفلة سعيدة .
للمفكرة الغارقة في تواريخ الأيام ، و أحاديث الساعات الواقفة على ساقٍ واحدة .
للقلم الذي يتهيأ لعناق طويل الأمد ليدون مسرحية اللقاء بين الكفوف الدافئة 
على صدر المنضدة المتسع دهشة كعيون سمكة مفتوحة .
للفتى الغارق في قراءة رواية " كوخ العم توم "

مقهى في آخر الشارع !
مثل فزاعة في حقل يراوده الغرباء .
مثل مسافر يفتح ذراعيه للقدر .
مثل أيقونة تزدحم بالوجوه والاشتياق .
مثل مقصلة ذكرى تتدلى على حبالها صور البعيدين .
مثل مزهرية شدت وثاقها للنافذة المُطلة على شرفة القصر.
مثلي حين تكون أفكاري معبأة بأنين الشوق لأحضان أمي .

مقهى في آخر الشارع !
الكراسي تنصت إلى شكوى المنضدة من الخدوش على باحة صدرها .
الخدوش كانت تدوينات لأطياف مرت لإلقاء التحية على النادل الأسمر .

النادل بساق واحدة ...
وعين واحدة ...
ويد واحدة ..
يلتف حولها سلسالا يتدلى منه وسام صغير 

يتأهب كلما فتحت عيون المقهى أجفانها للزبائن للقاء حبيبته السمراء 
، التي لا تفتأ تزرع ابتساماتها حقول قمح للحاضرين .
يتناول معها قهوته المرة ، المكتسحة بعبق الأسئلة ، و أنين التذمر .
يستسلم على مضض لما تهبه شفتاها من كلمات محبة .
ثم يمضي في تلبية طلبات الزبائن ، وهو يرش رذاذ الكبرياء على شكله 

شكله الذي يقول "
إنه أقدم جنود الحرب التي خاضها السكان ضد العنصرية .

عزة ،
في بنغازي .