‏إظهار الرسائل ذات التسميات رصاصة .... إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رصاصة .... إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 13 أبريل 2016

رصاصة ...





متى يأتي موسم الفرح ، ويعيد المعدن المليء بالصراخ إلى صناديق صمته القاتلة ، تُرجئه لرحلة انتظار لامحدود ، يجعله يسبتُ بين جدران الخشب ، و مفاتيح الحديد ، فينام نومة أهل الكهف حتى يأذن الله للزغاريد أن تنطلق من سجون صدورنا المكتظة بالوجع ، المترعة بماء الاشتياق ، المزدحمة بأسماء الشهداء .

سيكون على الجندي المخضرم ـ في تجربة الموت ـ أن يحترم صمت رصاصته ، ويعيد دفنها في مكانها من جديد ، إنها مهمة إنسانية عظيمة ، تعلن ولادات ترى النور على يد رصاصة ، تهب للحياة أعماراً قُدِّر لها أنْ تموت بقرار رصاصة .

الرصاصة مقاتل صامت وشرس ، متى أمسك زمام أمره ، حصد أجساداً لا حيلة لها برفضه ،
إنها كلمة الموت الوحيدة ، ولغته حين تخبو أصوات العقل ، وتعلو رائحة الدم على عبق الورد ، وهديل اليمام المتسامح ...

الرصاصة لاتفتح قلبها لأحد ، ولا تسأل عن طريقها ، ولا تهتم بسفرها من مكان لآخر عبر الطائرات والموانيء إنها متأهبة لبدايتها ، تبحث عن بيت استقرارها ، ليستكين وجعها الأبدي ، خيارها الوحيد هو اسم ، وعمر ، وعنوان من تريد ، تلك المهمة المتوحشة ، في يدها أن تبعث حياة جديدة ، أو تجعل روحا تفيض بالموت ...
لا يمنح الحديد لحامله سره الخاص ، يظل مُطرقاً بالسكون حتى يتكلم جملته المفيدة ، بإيجاز شديد ، يصدرها في قرقعة ، ثم يترك للوقت ترجمة مقولته ، النازفة بالدم ، المُحملة برسائل واضحة ، لا تقبل التأويل والتفسير ...

كم من أجساد غادرتْ ، وأرواح قبعت في أحياء الصمت القاتلة ، ارتكنت للزائرة التي قطعتْ خيط الحياة بدخول فجائي ! ، كم من أحلام تلاشتْ ساعة مرور تلك الدخيلة على أجساد ضحاياها !، كم من خيانة ارتكبتها في حق الزناد ، فوهبت العمر في زلة أنامل !

السيدة الصغيرة ، الواهبة النصر والهزيمة في آن ، الرافعة للراية للطرفين معاً ، لا ولاء لها سوى لمهمتها المختزلة في وجع البشرية المقيت ، السيدة الصغيرة ، طويلة كانت ، أم قصيرة ، ترتقي للقيم السامية التي نفتقدها في حياتنا ، وتضعها في إناء الموت ـ إنها تحمل النبل في المساواة بين ضحاياها ، و لا تمارس التمييز العنصري في تاريخها ، بل أنها أعدل من عرفته تاريخ البشرية ، حين أردت الملوك والفقراء على حدٍ سواء

الرصاصة حكيمة كبيرة ، عاشت عمرها تحطِبُ للريح ، تعمل بلوائح القضاء والقدر ، قد تكون كلمة تخرق الهُدن بصوتها الجهوري ، وقد تكون ألماً نهبه لإنسان غالٍ لدينا ، فنقتله دون علمٍ منا ، وقد تكون عدالة إلهية ترد اعتبار من فقدوا في غيابها لذة الانتصار ، تبدو أماً مثالية تجيد الذود عن أبنائها ، وعن أرضها وعرضها ـ وفي بعض الروايات ـ تدافع عن نفسها ، حين تختار السمو في صناديق صمتها المتخشبة من البرد ، حتى يعلوها صدأ الانتظار ، ذلك الانتظار الذي كلما طال ، قصر عمرها ، وانتهت صلاحية حوار