الثلاثاء، 31 مايو 2016

مــا قبــل الرحـــيل دمعة





مَنْ يعبرُ بي إلى ضفة الاحتمالات الأخرى... 
دون أن يلمس كبريائي المُثقل بجراحها بنغازي؟


يتذوقُ ملوحةَ دموعي كل أيامها، ويتناول قهوتي المرة عني، يعترف له في مرآته أنني مُصابة بهوس الكتابة، وجنون بُنِ صباحي، المُرتسم على سماء بحرها الحزيـــن في جذوع ذاكرتي ـ المُرساة في أصلاب عقلي، حيث قتلتُ عمداً بعضاً من ذكرياتي، وشنقتُ فوق مقصلة حزني المزيد والمزيد من مدوناتي، ونفدَّتُ أحكاماً غيبية عني، وارتديتُ تنورةً قصيرةً دون إذن أمي، وفتحتُ أزرار قميصي للريح، من وراء أبي، وسرَّحتُ شعري فوق موجة جليانية، مُعلنةً  ذبحي من الوريد  للوريد بيدي....


شهيــــــــــدة أنا.....
كم تركتُ للقدر فرصة أن يقدِّني من عفويتي، ويُخلي سبيل وجهي من حيائي، لعلني على يديه أُبعثُ من جديد، و دون اعتبار لعتاب وجهي بالمرآة أُطلقُ سراحي فيِّ، أتركه ينسابُ مني،  ينخلع من أناتي، في ومضة فرح، وشهقة أمل ـ حطَّتْ روحي على نافذة الوجد، متسائلة عمن سيرحلُ بي من حيني...


مَنْ  سيهتمُّ أنني  كنتُ هنا؟، أغتسلُ من أوجاع الكلمات المقروءة، أترجم ُ الألم أملاً وراء أملٍ، أذهبُ بكعب الرجاءٍ، وأعودُ بخفِّي الخيبة...


أقرأُ مقالاتٍ، وأشعار، ومشاجرات، ومشاحناتٍ، ثم أعودُ ثكلى، من مستقبلنا المهترئ، بقدامة أفكارنا، وشره عقولنا للاختلاف، وهوِّة جهلنا، وبضراوة ٍ أُمسكُ قلمي ـ وتشرعُ  يميني في خط جفن أوراقها البيضاء، يكحلها قلمي الأسود، من يأبهُ بأنْ أتألمُ لعبارة كتبها لي؟ أو تجاهلٍ تعمَّده؟ أو ألم تسبَّبه لقلبي المرهف، لا أحد سيقول أكثر من اسمي، إذا شعر أنه سيحدِّثُ العين في عينها، والزاي في زينها، والتاء في توريتها، لن ينتبهوا لغياب عطري، أو يتذكروا تاريخ مغادرتي، أو يتفقَّدوا  قائمة الموتى، ليُعزوا قصائدي في غيابي...

غريبةُ الروح،  والناس حولي....


مُقيدة بإسكفة حزني، وخلاخيل عزلةٍ  تلفُ طوقها حولي، وحدها قصائدي تفهمني، وحدها تنفضُ عني غباري وحدها تعرف أين موضع  الشوكة في قدمي، وكيف تشرأب من لوعة يقيني، لأجلها ألتحفتُ بُردة الهجران، سعيتُ بين صفا، ومروة كلماتي، طوَّفت عشقي على وريقاتي  في ردهة بيتي، كتبتُها شوقاً على جداري، محفوفاً بفراقها الندي، وماء رحيلي لازال يغسلني لهذه اللحظة،   ثم غادرتُ  إلى نومي، حيث سيرتمي الليل بين أحضاني ـ طفلا فطامه عمري بأكمله، سأظل ـ ما حييت - أحتفي بشرعيته لي، طالما حرَّمت عيناي عشق النهار من بعدها!...


وأنت ِ يا سمراء  السَّمر والليل....
يا من تشبهين ألمي.....


مَنْ سيأبهُ بأن يُلملمُ جراح الثكالى مثلك، الحافيات على رملها، الماشيات فوق صفيح ساخن من الفتنة، والعذاب، والألق، الفاقدات أرواحهن بعد لظى الفراق الذاهلات عن مراضعهن، الحمَّالات لحطب جهلنا، ليبيات ما فرقن عنا في شيء، سوى ملاحة وجوههن، وسماحة لسانهن، ولكنة لهجتهُن  المغرية، وغزل أناملهن، لجميل الطوق، والأسورة، تاورغيات، لا سعيدات، ولا قريبات، يتفيأن الظل، مِنْ مدينةٍ لمدينة، السكين مغروزة في الخاصرة. ومبادئ الفتوى، قاصرة عن الاحتواء، تحذو مناهج العنصرية والإقصاء...

الدخان ملأ الأنحاء، والكلُّ يترصد الكلَّ، والجمال يُسحق بلا لطف بين أيدينا، والورد يختنقُ من قسوة  أصابعنا، والبنادق تماهتْ  شكلاً آخر، فتصيَّرتْ ، الكلمات رصاصاتٍ و الباقات قذائف، البيانات فتاوىً، والأفراح كذبةً، والنصر سراباً، والعودة حلماً .مَنْ سيفك قيدي مني، يتركني أبكي لديه، دون أنْ يسألني كفاف الدمع أو يطلب جفاف نبع  عينيَّ، لا أحد  في بلادي يستحق ُ الحب، منذُ خان رجالات بلدي حبيباتهم، وسخروا من عواطفهن، باعوا حبيبة الكل  بأبخس الأثمان، واطلقوا ورائها قطعان الذئاب...


مَنْ يصدح بأغنيات الوطن، وقد هُجِّرت بلابله، وأُلجمتْ أفواهِ شعرائه، نتشدقُ بقمحنا، وشعيرنا، وما من خبز لنأكله، يمنحنا شعوراً بكفاف عيشنا، أو شكر ربنا أو حمد نعمتنا، قشِّات كثيرة قصمت ظهر بعيرنا، وأناخ به ساستنا عن جادة الصواب  نتفنا شعرة معاوية، وتجردنا منا، وخلعنا عنا ثوبنا، فكشف مخيطنا ومحيطنا لأي درجة كنا عُراة من ضمائرنا، وصنو فطرتنا...


سأفتح يا حبيبي أيقونة الرحيل، و أشدُّ النجمات من أُّذن الليل، و أهرقُ ما تبقى من كياني، مُبددةً عمري في إحصاء تجاعيد وجهك، وقراءة معالم الشيخوخة على ملا محك التي أعتقها وجه  النهار من ليلي الطويل، واعدة  إياك أن أرجم  حضورك الآني، من زمنك الفاني، لأكمل حياتي في كتابة اسمك على   مدونات العتاب...



مَنْ يعيدُ لي هدوئي، وثمالة سكينتي، وأنا أنتفضُ من ريشي، قشعريرةٌ تستبدُ بجسد أنوثتي، تحيلني لكتلةٍ ذائبة من الوجع، تجرأ الأسى على نسغي، وفتت.... الرجاء في قلبي، وتواطأ الرحيل بأهلي مع دمعي الحِرير، فما ترك لي هدباً، إلا وتكحَّل بإثمد الغياب...
مَنْ يرحمني من حرقة قلب، صبَّته الصبابة في جوف روحي، و أبقته فوق جمرةٍ شكَّها عود عوسج، نما من روح صبَّارة في واحة ٍ اعتزلت سرابها، فيا ماءها، و يا عذوبة مذاقها، ويا ظلها النقي، ويا وجد روحها، أبلغي عني نخلاتك العصماء، أنَّ عمىً تكلل بعينِّيِّ لما مررتُ بها، وناء القلب بطرفه عنها، يسألُ  عمن  يسكنُ بها من الأحباب...

ما قبل رحيلي دمعة تحفَّها عيون الوجد مني، يا من تفننتَ في سحق جميل أمنياتي على صوت هديلك، طيَّرت اليمام من على كتفي، بعد أن رام رائحة عنقي، رحلَّتني  لعزلتي من جديد، ما آليت عليك جهداً، إلاَّ وترجمت فيه أناي، ورفعتَ عني غطاي، وشممتْ جنائن عبيري، وتنسَّمت شذاي، ثم قلت أنَّ ضوء النهار من عزتها، واستعارتْ من روحها عبارتها، فعقلتُ روحي من هنا، وتوكلتُ عليك، في كتابة مخطوط جميل عن فراقي...


حينها سلِ الفراق لِمَ ترك للرحيل فرصة الرحيل، و لِمَ لمْ يتلكأْ كعادته، في حزم أمتعتي هذه المرة، حافيةُ القدمين دخلتُ بابك، ظننتُ أنه الحلم تهيأ لي في ومضة برق، صعقتَ ابتساماتي ببارق سناك، وأمطرتَ سحائب كِبرك عليَّ، صببتني لمَّا في وجعك، وجمعتني همَّاً في ألقِ التفكير بك ، أدركت ما أدركتَ من حزني، وكتبت ما جاز لك من عدد اسمي، ودون شعور منك قرأتَ الفاتحة على موتي، ونسيتَ البسمـــلة على روحـــي...



أعيد نشر هذا النص حزنا على وفاة السجينة التاورغية فوزية عمران شلغوم تحت التعذيب وبعد الاغتصاب مرات ومرات 

الثلاثاء، 24 مايو 2016

حالة توحُّد







المساء الذي لا يضيء بك 
يعمى عن رؤية نجومه 
تنهمر شفتاه بكاء من غيابك 
ها أنا 
وحيدة أتدلى من مقصلة الليل
على مشنقة الشوق لرؤياك 
أغرق في عشب الليل
بعدما زحفت نباتات الظلمة لجسدي
توحَّد غابة العزلة 
وطفق يخصف عليه من أوراق رحيلك!

من لي بوجهك الغائب في الزحام ؟
من لي بنهار يشرق بمجيئك ؟
و ذكرياتي  آيلة للسقوط في فجوة فراقك 
تفتح أزرارها للريح 
وتشرع نوافذ الفقد والبكاء 
على هذه البلاد التي بيَّض أهدابها 
الحزن ...
و قشَرها الملل في طوابير الانتظار !

لست وحيدة هنا ....
 فهذه العيون التي فقأها الرحيل
تريد  عيداً  للفقد ....
عيداً للبيوت التي تركتنا و اختارت الركام !
عيداً للذين أكلهم التراب كرهاً !
عيداً  للصور التي اختارت السكون الأبدي 
بين أحضان ألبوماتنا 
عيداً للتوحد الذي يذهب معنا للنوم 
ويدفن أحلامنا في الوسائد المبللة بآهات 
اللقاء !




الأحد، 22 مايو 2016

بكم سيبيعون الوطن ؟




  مثل  فارس خانه توقيت المعركة 
أ و ساعة واقفة على ساق واحدة 
 لتعلن موتها .....
 على حائط الذكريات القديمة 
يتوجني الحزن ملكة روحي 
 في مملكة العزلة !

وحدي أُحصي تجاعيد الزمن المهتريء 
و أُقدد من انتظاري لوحات الأسى القادمة
التي منحت آدم المزيد من حقوق الذبح 

لسنديانة واقفة في حديقتها.....!
لصفصافة تمدُّ عنقها للسماء !
لبطة تدرب صغارها على المشي !
ليمامة تحتضن بيضها في العش !
لأم تحمل أطفالها للمدرسة !
للطين المنسي في الأرض !

بيني وبيني الحزن علاقة مشبوهة 
وليل يحمل فوق أكتافه المترهلة حكاية 
المدينة التي تفتح نوافذ النهار للهواء الكاذب
للحرية المنفوخة كبالون بدين
للديمقراطية التي شربنا بسببها ماء البحر !

برنيق يابنة الملح
@ ............ الوطن 
ها أنت تسرقين  حواسي من تحت مسامات جلدي 
تلفظين أنفاسي تحت الماء 
حين لا يأتي الوطن 
وحين يهرب من النافذة 
وحين نكتشف أنه خرج من قبعة الساحر 
واختفى فجأة في ظلامها 
  ليبدأ العد التنازلي في أسواق النخاسة 
 بكم سيباع الوطن ؟
 بأحلام اللحى الطويلة ؟
أم بالفتاوى المستعجلة ؟
أم بحكومات من  ورق ؟

من نصوصي 2016




أهـــــــــــداء لكل قرائي و أصدقائي......

للموسيقى سحر مُلهم

لأية ملاحظات على المدونة أرجو مراسلتي على  :

smra.khayali666@gmail.com

أو 

zeezenya27@yahoo.com 

كل الحب لكم 

السبت، 21 مايو 2016

الفتى الوحيد الأسمر 2












جنوب عينيك شامة سمراء وحيدة ، تتوحد الليل متغزلة في ملامحه المجهولة ، إنها شامة فزان الوحيدة ، جنوب شفتيك تفاحة العشق ، تستدير كواحة ترتع بين أحضانك ، يشرأب لها عنق الوطن ، المتعطش لعذوبة ماء شفتيك ، تلك واحاتك المغمورة في طيبة الرمل ، المنسية في قاع عينيك ، جنوب خديك يا فاتني غمازتان من لهفة ، سبها وقد شابها حنين القرضة ، و تخلل حديثها الشهي بدعة ِالعتاب المليح ملاحة روحك ، جنوب عنقك شريان يضخ قصائد فزان للقلب ،هنالك أنا أقيم فيك نبضة شمالية ، ارتحلت كغيمة مع الرياح الموسمية  

أقبع فيك متدثرة بدثار الشوق ، بانتظار مطر يهطل بدهشة اللقاء ، تزهر من بعده بذور حنيني ، و تخضر أغصان فرحي ، و تتطاول كنخلة جنوبية ألقت بأحمال ظلها قرب واحةٍ غنَّاء


آآآه ، تعال  !
تعال واترك للزمن مهمته ، دعه يكملها على مهل ، ودعني أتسلق كتفيك ، و أتشعلق فيك طفلة صغيرة ، باقية وتتمدد بين أحضانك لمزيد من العمر أيها المعتق كخمر في كأس الليل ، كنبض في ترياق القلب ، كهوس في رائحة القهوة ، كجنون في حرقة الروح ، كنسيم في تلاعب الريح ، كثمالة ٍ في سكرة  الوجد ، كوجه أتلقفه اشتهاء وشغفاً ، حتى تسكرني رؤيته ، وتنضج دالية فرحي بك حين يكفُّ عنك نزف الوريد الجنوبي .


من مجموعتي نزف الوريد الجنوبي 

الفتى الوحيد الأسمـر







طال بك الغياب ، أيها الأسمر المندثر بدثار الصمت ، القابع في سكون الصحراء المهيب ، الساكن في وريد الوطن ، مخطوف أنت من مذاق الفرح ، مبعد عن عيون الوطن ،متوحداً ليله ، مشتعلاً في نهاره ، صاخباً في نزفه ، باكيا حتى بلغ النحيب أنين الرمل اللافح فوق سيمياء وجهك ، وحيداً ، أسير الشوق ، مكبلاً بالوحدة ، مكللا بالخوف ، عزيز النفس ، نقي الروح ، عميق القلب ، ماذا فعلنا بالوطن فيك ؟ أبقيناك كيوسف ، معزولاً ، نائيا ، في الركن القصي نسينا عذوبتك ،وشراهة طبعك ، وبحة صوتك الرخيم ، تجاهلنا موطيء قدم الوطن فيك ، شغلنا النواح الشمالي عن تذوق أهازيج فرحك وتحسس محياك الأسمر ، وتفقد طيبة قلبك النازف من الوريد للوريد

احبُّ الهواء الآتي بنسائم اسمك ، تفرح له بوادر حنيني لأناملك ، تهلل له كثبان الرمل ، وتتشكل بين يديه عروس السراب كيفما شاء لها نهارك الصحراوي الموسمي ، فكيف أشرع اتجاهات بوصلتي للريح ؟ و روحك تناديني صوب الجنوب ، أ أترك من يدي بوصلة الطريق ، و أتبع حدسي نحو الوريد الجنوبي ، أم أغمس روحي في شهوة سكونك ، لأتحسس مفاتنك بعد أن طالها نزف الوريد .

من مجموعتي نزف الوريد الجنوبي

السبت، 14 مايو 2016

وحدها عبرت الليل بغداد











منذ أن عبر التتار فوق صدر الفرات ، والمدينة الثكلى تنتحب ، تقضي الليل نائحة ،سادرة في سراديب التيه ، بعد أنْ شجوا رأسها ، وبقروا بطن نهرها ، رصفوا العقول صفوف كتبٍ ، عبرت فوقها الخيل الجائعة للهمجية ، لتصب في ماء العذوبة قدور دمٍ ، وتجلب مع رجلها شياطين الحضارة ومغول العقل لبغداد .

2 /
بغداد ..
يامدينة النور ، ونزف وريد القلب ، وشريان الحضارة ، هاقد أصابت جسدك الغض خدوش الحضارة التتارية الشمطاء ، لتترك الحزن شامةً على خدك الناصع :
الرصيف الذي لايكف عن السؤال !
الطريق الذي يرسم سيمياء صحرائك لا يتوقف عن ضخ الدموع !
بحار الدمع إلماضية إلى مزاريب بيوتك الصامتة !
التوحد الذي يقيم في ليلك المنتحب !
حبلك السري الذي قطعُّوا أوصال الوطن فيه !

3/ 
بغداد ......
منذ أن بكتْ النخلة الباسقة ، وقلوب الأمهات تتفيأ الظلال ، تستمع لنحيبها ، تهز أغصانها الحزينة ، فتتساقط حروفك قناديل ضوء ، من ثغر السماء ، يا حبيبة الواحات المتسعة من عيون الدهشة ،
وحدك عبرت الليل !
وحدك قبلت خديه !
وحدك فطمت الفرح !
وحدك سال فيك نهر الدم !
وحدك شج الرحيل رأسك الشامخ !
وحدك تُقتل فيك الحياة ,,,
كلما صاحت غربان الظلام في فجرك المهيب
4/
بغداد ....
يا أم المعرفة الخلابة ، وفلسفة بابل ، وبلاغة آشور ، و اعتكاف عباقرة البلاغة ، و كأس اللغة المترع بأشعار المتنبي ، يا أحاديث نازك ، وبكاء السياب تحت المطر ، وفصاحة الجواهري ، يا مدينة النور ، استيقظي ، فالسبات غيَّب وجهك عن وعي الحياة والطريق المعبأ بالدم ، بات مرصوفاً بأوجاع الفتنة ، والإقصاء ، و الشتات طال به كهف الظلام !

5/ 
بغداد ......
ازيحي حجارة الغل عن صدرك الشريف ، ودعيني أقبل كاهلك المتعب :
للعابرين فوق تربة من ذهب
للسائرين فوق صدر الفرات المثقل بهموم مدينة تضخ أوجاع النهار ، لعيون الليل ،
دعي الإنسان يمرُّ رغم مكر العيون !
دعي الطفولة تسلك سبيل الحياة بين يديك !
دعي السلام يرصفُ طريقه لمقلتيك الساهرتين !
دعي النور يمر عبر أقبية الظلام الراتعة في جيدك ، التي تخنق عنقك الطويل ، وتحبس أنفاس الشمس في رئتيك !

6/
بغداد ....
يا حدائق الإنسانية ، المُعلقة كل صباح في قلوبنا ، يا حلوى أيامى ، وفرح دميتي ، و أحاديث أمي أمام عتبة البيت ، و أقاصيص أبي قرب نافذتي وسريري ، وحكايا الصحب ، والجيران أما حان الوقت لأن نحكي ألف ليلة وليلة ، والسندباد ، والكلك ، ونأكل سواء من الدلمة والبرياني ، والباجة ، أما حان الوقت كي نجتمع في شارع المتنبي ، لنتبادل سهام الشعر ، ونرجم بعضنا بالضحك ، و نقتبس من قصائدنا فيض النور لعينيك ، وشكر الله لنعمة شفتيك ، على سحرك ، على بيانك ، وعلى بلاغتك ، وشموخ أنفك ، وعلو وجنتيك !

عزة رجب
هامش : ألف ليلة وليلة ،سندباد ،الكلك ، حكايا من التراث العراقي 
الدلمة ، البرياني ، الباجة : أكلات شعبية مشهورة عن شعب العراق