السبت، 23 أبريل 2016

جفن الليل لا يرف !










 الليل وريد نازف 
من هدب القلب ...

*
جفني الساهر حتى آخر رمق نجمة 
يجعلني عالقة بين حنين 
ومخاض اشتياق إليك ..!

*
أ يمكنني أن أدر حليب الوجع 
خارج سياج روحي ...
و أتسلق كتف الشعر ....
لأتغزل في العلاقة بين بؤبؤ عينيك
و لون الليل ...!

*
كيف تسللت ذات فجر لخطوط عزلتي 
وقفزت فوق أسوار وحدتي 
وتركت باب البحث عنك مفتوحا 
على شهقات الغياب !

*
كيف تسربت لروحي كماء منهمر
من عيون السماء ...
و جعلت الفرح يزهر كما قبلات الدفء 
للشتاء !

*
زرعت حنينك في قهوتي 
لتبحث عنك زوابع كفِّ فنجاني 
كلما ذوُّبني الارتشاف 
حضرت لذة الاشتياق لوجهك !

الثلاثاء، 19 أبريل 2016

عجين أخضر






كان ورقة يسكنها الصمت ، متهدلة من خد غصن ، يعجُّ بالكثيرات مثلي ، إناث يمضين في رحلة الوجود ، وهن وارفات ، شامخات ، يهبن الفرح ، وينجبن الطفولة ، يغمرهن دفء العجين ، المُتكور في بطونهن ، الخارج من عسل معقود ، في أكفُهنَ خيط الحياة ، الماضي إلى بقاء رحلته بين الأنامل المترعة بالود .


كان ورقة خضراء ، مُعلقة مثلي تنتظر القطاف ، و أنتظرُ حصاد الفرح ، يحمله جود الأكف الريحانة ، لتطحن خشونته ، ويستحيل نعومة ، تشبه دقة ملامح الطين ، و رائحة الجنة ، و أنين الصندل المُتصلب تحت ضربات سحقه ، تتلقفه يد أمي الحانية ، تضعه في ملاذ من فخار ، ثم تسكب فوقه شيئا من سواك حديثها الشائق ، و بعض دموع ماء الزهر ، وقليل من شهقات الشيح ،  تلونه بمنقوع الكركديه القاني ، تعجنه بأغاني الثرات ،  ثم تدفن فيه زغرودة فرح ، وتخضَّب يديِّ وقدميِّ قبل أن أغمض عينىِّ  في  جفن الوجود ..



عصيـــر ...








مواسم الجفاء تتسرب لرحم الأرض ، حين ينسى الطين وجهه ، تتشقق ملامحه من يباس الجفوة ، يترك جفن الأرض ، وهدبها متآكلاً من هجر الماء ، أ تراها تخلت عن وجهها الطيب ، جراء تفاقم الوجع في قلبها ، وتصحُّر عاطفة البشر ، فألقت ما في جوفها ، وتخلت ْ عن بذرة التكوين ، حين أدرك السواد نسغها ؟ !


مازالت السماء تسكب عصيرها فوق أكواب الأرض ، لتمتلئ العيون المتعطشة لأنامل الماء ، حتى تنفجر من السعادة ، ويشع فرحها حولها ، يتلون الوجود باخضرار الملامح ، وتتهلل أوراق الحياة ، ويمضي المطر في رحلته ، يمارس الشبق ، وينجب من أنوثة الأرض نباتات إناثاً من الزهور ، من شوق الجوري ، إلى عبق الياسمين ، إلى الورد البلدي المُعطر .


يتساءل متى ترفع الذكورية يدها عن هذا الرحم الخصيب ؟، وترحل بآلة الدمار عن هذا الوجه الصبوح ، المتخشب من الإعياء ، وضعف الحيلة ، وقصر اليد ، متى تتغير الأفكار الشرسة ، لتضخ من وريد قلبها أفكاراً تنجب الفرح ، وتسدل ستار الليل لتنتهي مسرحية الحروب التافهة ، و تبدأ مواسم الضحك ، محررة سراح الابتسامات من الأفئدة المحبوسة في سجون الجزع ، تخضب الملامح المتجعدة من الحزن ، بحناء الرحمة ، و يقين الله .


متى يملأ الماء هذا الرحم العقيم ، ويتسرب إلى أوردة الأودية الجافة في أرواحنا ، يترك للأمل نصيبه من غصن الرجاء ، ويمنح الرجاء فرصة التأرجح على أرجوحة الدعاء ، ويرفع الدعاء على الأكف المفتوحة مرآتها لسقف السماء ، يدعها للرحمن ، حين يعتصر رحمها ، فيأتي عصير المطر اللذيذ ، وتبدأ رحلة الإعمار والفرح بالحياة ...

الاثنين، 18 أبريل 2016

عجيـــــــن !










يتكور في يد أمي ، تضع الماء ، تسكب ملح الحياة ، وتنثر بعضاً من خمير المحبة ، ثم تجعله في إناء عميق ، تشهق فيه بحب ، وتبدأ في اللتِّ ، تمارس الفرح ، بأنامل تتخللها مواسم الأمل ، سائلة الله نعمة الحياة ، في كسرة خبز .

من نخاع الدقيق الأبيض يطير يمام الأمل أمام ناظريها ، وهي تسبك الروح التي  تشكلت بين يديها ، لله در الحب منك يا أمي ، يا وجه الصباح المستنير ، يا ضحكة الله في الوجود ، يا تهجئة الأنبياء لحروفك على الأرض ، يا شمعة ذابت أناملها ، لتطلق سراح الضوء من رحم الظلمة ، هاقد تكوُّر العجين ، وصار خبزاً ، تأكله الشفاه المشتاقة لمذاق يديك ، وطعم رحمة الله فوق شفتيك !






خزَّافة .






 خزَّافة .
تسكب أمي شيئا من الطَّفَل ، وبعضا من روح الأرض ، و رائحة نواياها الحسنة ، تمزجه بطين طمث الأرض الأحمر ، وشئ من ماء الحياة ، وقليل من الأمنيات ، تقول أنها تكفي لإرسال حياة بمذاق آخر ، ثم تضيف إليها رحلة تأمل من عينيها الفنانتين ، ومسحة من الإحساس ، ودفقة شعور بالعطاء ، و تعجن تلك الروح .


تبدأ في التشكل الرحمي الأول  حول رحى يديها ، تدوُرها بين أناملها ، ماضيةً في رحلة الاستدارة ، تصرع فيها كل الهموم ، ومضغة اليأس ، والحزن المقيت ، وتجعل أعشاش الفرح قريبة ، من الجرار الآخذة في التلوين ، رفيعة ، طويلة ، ملفوفة القد ، كأمي ، حين تقبل حاملة إحداهن ، وقد ملأتها بماء الحياة ، تقول لي انظري إليها ، إنها جزء منك ومني ، رفيقة الطين ، والصلصال ، وصاحبة الصوت الحزين .


اتركي يا فتاتي مجالاً للنافذة المُطلة على البحر ، كي يتسع صدرها له ، فالبحر ضائق بنا ، كلما هاج جراء فعالنا ، خذلته كائناته ، ولفظ بشهقاته للنافذة الصامتة ، تشرأب بعنقها نحو صمت الجرة الواقفة على شرفتها ، فتتجرع في يسرٍ ماء البحر ، وتحتفظ به في لبِّ روحها ، حتى يعودها مرة أخرى ، فيمسح بيديه على برودة الصلصال .

اتركي يا صغيرتي للطين روح التشكُّل ، فإني من مائه المهين ، ومن روحه الطيوب ، لا تؤلمي التراب الأحمر بوقوفك عليه ، وقُدس السر الذي بين يديه ، والثمي خد الزهر والريحان ، إذ انبعث من أصيص صغير ، ضاق به المكان ، واتسعت له تجاعيد الطين .

شكِّلي الخزف ، كلما تكوَّر بين يديك عجينا ، كعجين الجسد الرخو ، لوُّني وجود الله كلما طاف بك طائف الحزن ، وخفتِ أن يتجرَّد قلب الإنسانية من الرحمة بالبشر  ، فيقضي على حقول القمح فوق خدود الأرض ، يحرق زيتون نظراتها ، ويزجي حليبها بالماء ، ويمضي في فساده غير لاوٍ على ألمها ، تاركاً كيمياء جسدها تئن في روح الطين الأحمر ، ارسمي  منه عصفوراً ، أو عش يمامة ، أو جسدي وهو يرسل من الخزف رسائل الحياة للطين .
 عزة 

هامش : الطَّفَل نوع من التراب يدخل في صناعة الكثير من الخزفيات وأيضا يعتبر مادة أساسية في صناعة الأسمنت  

الجمعة، 15 أبريل 2016

فاكهــة الحرمان !!







حِصاني يَجول أفياء ذاكرةٍ مُحترقة الضوء
خيباتُ أملي تحاصرني!!
حوافرها مُحدَّبة تجذبُ أديمَ الأرضِ لِرائحةِ الْمسير،
وغربةٌ تسكنني....
تقرأ مُعلَّقة الْوحدة على جدار روحي!

الصمتُ: أحدُ عناوين أخباري...
ردود أفعالي: كصحراء أوهنها الترحال فوق
مجاهل وجهها!!
جُملٌ مفصولةٌ أنا، باستفهامات السكون وتعجب المآقي!
دمعتي عزيزةٌ.....
أوصدتْ أبوابها في وجه الفضول!!
والحرمانُ فاكهتي المُفضلة!!ّ

الليل إذا دخل بابي، خلع ملابس الَّسواد،
ملتحفاً ببياضِ حزني،
وبلا ترددٍ يرميني لقميص أشواقي،
حيثُ قد يرتدُني ضوئي فيراني،
أقتبسُ منه مسيرة روح ألقتْ أسفارها فوق معراج الصفاء!
و حنيني صَّبارةً نبتتْ على عتبة شفاهي!

ضحكاتي خاويةً،
أُسرجها له فوق أصفرار أمنياتي،
أُهديه أعاصيري النَّهارية الصَّامتة،
قبلاتٌ برهانها العُجبة من زخم الكلمات،
رشفاتٍ من أحاديث السَّمر ألتقطُها باسمةً دون أن أتكلم!
وحين أتوحدُني....
يتلقفني حائط المبكى في خيالاتِ يستحي منها ظلي!
والغربةُ عناقيد عنبٍ تلتقطها روحي
عيناي.......
تبحثان عن وجهٍ حُرمتْ تقاطيع الزهو فيه.
مرفوداً إحساسي بلا مواربة....... 
منفيةً أنا بحثاً عنه
في مدارات تعوسجتْ أمنياتها ــ فشكَّتْ أديم جراحي
غائبٌ أنت أيُّها النَّهارُ عن فجري المفقود
والوحدة تفاحتي المُفضَّلة !

عزة .

الأربعاء، 13 أبريل 2016

رصاصة ...





متى يأتي موسم الفرح ، ويعيد المعدن المليء بالصراخ إلى صناديق صمته القاتلة ، تُرجئه لرحلة انتظار لامحدود ، يجعله يسبتُ بين جدران الخشب ، و مفاتيح الحديد ، فينام نومة أهل الكهف حتى يأذن الله للزغاريد أن تنطلق من سجون صدورنا المكتظة بالوجع ، المترعة بماء الاشتياق ، المزدحمة بأسماء الشهداء .

سيكون على الجندي المخضرم ـ في تجربة الموت ـ أن يحترم صمت رصاصته ، ويعيد دفنها في مكانها من جديد ، إنها مهمة إنسانية عظيمة ، تعلن ولادات ترى النور على يد رصاصة ، تهب للحياة أعماراً قُدِّر لها أنْ تموت بقرار رصاصة .

الرصاصة مقاتل صامت وشرس ، متى أمسك زمام أمره ، حصد أجساداً لا حيلة لها برفضه ،
إنها كلمة الموت الوحيدة ، ولغته حين تخبو أصوات العقل ، وتعلو رائحة الدم على عبق الورد ، وهديل اليمام المتسامح ...

الرصاصة لاتفتح قلبها لأحد ، ولا تسأل عن طريقها ، ولا تهتم بسفرها من مكان لآخر عبر الطائرات والموانيء إنها متأهبة لبدايتها ، تبحث عن بيت استقرارها ، ليستكين وجعها الأبدي ، خيارها الوحيد هو اسم ، وعمر ، وعنوان من تريد ، تلك المهمة المتوحشة ، في يدها أن تبعث حياة جديدة ، أو تجعل روحا تفيض بالموت ...
لا يمنح الحديد لحامله سره الخاص ، يظل مُطرقاً بالسكون حتى يتكلم جملته المفيدة ، بإيجاز شديد ، يصدرها في قرقعة ، ثم يترك للوقت ترجمة مقولته ، النازفة بالدم ، المُحملة برسائل واضحة ، لا تقبل التأويل والتفسير ...

كم من أجساد غادرتْ ، وأرواح قبعت في أحياء الصمت القاتلة ، ارتكنت للزائرة التي قطعتْ خيط الحياة بدخول فجائي ! ، كم من أحلام تلاشتْ ساعة مرور تلك الدخيلة على أجساد ضحاياها !، كم من خيانة ارتكبتها في حق الزناد ، فوهبت العمر في زلة أنامل !

السيدة الصغيرة ، الواهبة النصر والهزيمة في آن ، الرافعة للراية للطرفين معاً ، لا ولاء لها سوى لمهمتها المختزلة في وجع البشرية المقيت ، السيدة الصغيرة ، طويلة كانت ، أم قصيرة ، ترتقي للقيم السامية التي نفتقدها في حياتنا ، وتضعها في إناء الموت ـ إنها تحمل النبل في المساواة بين ضحاياها ، و لا تمارس التمييز العنصري في تاريخها ، بل أنها أعدل من عرفته تاريخ البشرية ، حين أردت الملوك والفقراء على حدٍ سواء

الرصاصة حكيمة كبيرة ، عاشت عمرها تحطِبُ للريح ، تعمل بلوائح القضاء والقدر ، قد تكون كلمة تخرق الهُدن بصوتها الجهوري ، وقد تكون ألماً نهبه لإنسان غالٍ لدينا ، فنقتله دون علمٍ منا ، وقد تكون عدالة إلهية ترد اعتبار من فقدوا في غيابها لذة الانتصار ، تبدو أماً مثالية تجيد الذود عن أبنائها ، وعن أرضها وعرضها ـ وفي بعض الروايات ـ تدافع عن نفسها ، حين تختار السمو في صناديق صمتها المتخشبة من البرد ، حتى يعلوها صدأ الانتظار ، ذلك الانتظار الذي كلما طال ، قصر عمرها ، وانتهت صلاحية حوار