فاء الفيء تلقيني وحيدة لأحضان الوحدة ، و زاي ماء الزهر تحملني برائحته الرائجة نحو جنوب وريدي النازف من شريان الوطن ، و ألف أُلفاك آلفت العزلة دون حدود وجهك المرتسم فوق تلال الرمال ، أيها النون المحصورة بين عين عروقي ، و ياء سكوني ، طالت بك حبال الغياب ، وتعلَّقت روحي فوق مقصلة فراقك ، وتدلتْ مشانق الشوق ، على منصة حنيني لوطن تسربت عذوبة مائه إلى وريدي الشمالي ، وبللتْ نسغ يدي حتى فاضت روحي زمزم شوقٍ إليك !
أتهجأ فزان ، و أترك للأبجدية ملامح الاغتراب فوق محياي ، تيبستْ تجاعيد وجهي ، وتسرَّب جفاء بعدك لمساماتي ، وتشقق أديم جلدي من جفوة المسافة ، وقسوة الغياب ، أينك أيها المدسوس في ملامح الصحراء ، المنسي بين حكايا الرمال العميقة ، المنساب كسراب يتراءى لرحالة وحيد ، خانه عقرب التوقيت ، وشدَّّه لجام الطوق ، عن عقال اللقاء !
أتهجأ اسمك ، وهجير الصحراء قيظ ، والجنوب المنفور من شريان الوطن ، يتيماً مبعداً وحيدا ، تحزنه حكايا الشمال ، وتشجُّ قلبه أمتعة الرحيل ، و يراوده الغرباء كل ليل ، تجتاح روحه ريح الغدر ، وتعبر شريانه قبائل الغرباء ، فمَن ْ لي بقميصك أيها الغارق
في حدة الصمت ، والمنساب كقطرات ماء بين أناملي ، و المُبعد عن مرآة بصري ، والسابح كسراب فوق خيط الشمس ، والمراوغ للظهور في وضح النهار ، والمتعب من الخطو فوق سيمياء الرمال الصفراء ...
أيها المشَّاء المتوحد في عزلة الليل ، المعتزل في زوايا فزان ، وهسيس نسيم ليلها غارق في النجوم ، يهمس لي في أذني ، يوشوش قصائد العبير ، يروج رائحتها في اشتياق القمر لرحلة الضوء ، دعني أتهجأ فزان في حروف اسمك ، كي أصحو على وقع صوتك و أنام على خِفها وهو يعانق صحراء الجنوب .
من مجموعتي نزف الوريد الجنوبي .