الخميس، 31 مارس 2016

صباح الخير







أفترش الأرض وسادة لأحلامي القادمة .....
بعدما خرَّ بيتي ساجدا على الأرض ...

صباح الخير ......
للوقت المستقطع من الحياة ,,
للشعب الذي يقول إن شاء الله ,
للصباح المزكوم برائحة البارود
لعمود الوفيات المعبأ في صحيفة متأخرة
لإبريق الشاي الحزين ,,
للسيدة التي لم تعد لبيتها ...
للخبز المعجون بهموم الخباز ...
للطابور الذي نفد صبره
للمرتب الغائب عن مواعيده
للابتسامات الممنوحة بالتقسيط المريح
للفتاة الجالسة بانتظار عودة حبيبها .
للأم التي تنتظر معايدة ابنها الشهيد

والوطن جيب كبير مستنزف الوريد
وملعب بيسبول يتسع للمزيد !!

لديَّ ما يكفي من الحزن على بلادي.
لذا سأقشر تفاحة انتظاري للفرج ...
المتخم بأمنيات التوافق بين الأطراف
و إن اختلفوا كالعادة ... ....
سأتناول الأكتيفيد لأنام ليلة أخرى
و أنسى أصوات الآر بيجي ...
و الرسائل النصية بين القنوات ...
وبدلة المتحدث الرسمي الأنيقة ...
والجرافات المُحملة بالموت المبلل بالمــاء
وخيط الحوار الطويل الذي أضاع إبرة الطريق ...
والوطن الذي لم يأتِ .... 


الجمعة، 25 مارس 2016

ديمقراطية البكاء !





كماءِ دمي الأزرق ....
وجناح سنونوة وحيدة
أكتب نصوصاً ترفرف لقلبي الصغير...
أترك رذاذ الحلم عالقاً على نوافذ انتظاري
ثم أطرقُ باب أسئلتي في فوضى ونزق
أقشر برتقالة الملل ,,,,
و أتناول ليموناً حامضاً ...
لأفيق من سكرتي النهارية
حتى يفرقع الوعي رأسي
و أشاهد بأم عيني الأسماء التي تتكدس
في المقبرة ....
المتفجرة من فوشار الوجوه المصدومة
من ضخ دمنا في شراهة
أتوسد أحلامي الباقي من عمرها
رغيف خبز ...
وحقيبة مدرسة ...
و طوابير لا تنتهي 
و جرعات أملٍ صغيرة 
أسحب نفسا عميقا من الهواء المعبأ
بحكايات اختلافنا ,,,,,
و بألم مفاصل الدولة على فيس بوك ..
حتى يسقط رأسي في هوة حوارنا
الفارغ من الحياء ...
ثم أنام ممتنة لحكوماتنا على ديمقراطية البكاء !!



الخميس، 24 مارس 2016

ربة البيت إنسانة






خارج المناخ أنت ...

تتنفس أكسجينا ملوثاً باسمي

راضيا بخرائب عشقي ....

تسير في جنائز موتي فيك ...

فلا تندب الحياة المنبعثة في شعري

حين يروقك ضعفي ،

و تهدل عناقيد شوقي !



أعرف أنني مثل خمائر فقاعاتها مفتوحة على عيون الدهشة

فاقدة مدتها من فيتامين باء ...

أو مثل جزمة قديمة مركونة في الزاوية

أو كعلبة سردين انتهت صلاحيتها ...

غير أن جوعك يتبرأ من مدة استهلاكها !



توجد أكثر من طريقة لزراعة زهرة في حقل مهجور ...

و أكثر من أمل لرسم كفِّ قمح مشرعة لهديل اليمام !

توجد أكثر من حجة لتدسني في جيب قميصك الأزرق ...

و أكثر من وسيلة لتناول لفافة تبغ دون منفضة ...



دون أن تخسر دمعة حين تكسب وجعاً ...

أو تشعل عود كبريت حين تخسر حلما ....



سقف السماء وردة سلام بيضاء

تتفتح من شفتيها بتلات التكوين

تنهمر من عينيها أيقونات الوجود

يتساقط بين ذراعيها جنى الطفولة ...



من يسأل الغيمة لماذا يسرها وميض البرق ؟!

من يسأل المطر علام يسيل الماء من رحم مختنق ؟

من يسأل الطين لم تتشقق وجنتيه كلما تسرب إليها الجفاء !


دع الإجابة تنهمر من عين السؤال

فالإجابة أنثى

والولادة أنثى

والحياة أنثى

والثورة أنثى ....

والطبيعة في صيرورتها أنثى

الأربعاء، 23 مارس 2016

قبل أن يشيخ البحر







أتساقطُ كورقةٍ آيلة للاصفرار من دالية عنب، تكاثفتْ قربها عناقيد الشوق، فلم تقوَ على جبال حنينها، وما حان موعد نضجها، خضراء بطعمها اللاذع، كلما تذوقتُ شيئا من رطوبة حضورك، في مواسم الحر، لذعني فراقك بأقباس أسئلة التوق إليك، حبيبتك الجورية الذابلة تتساءلُ عنك في غمار الغياب، ويمِّ العذاب ـ اشتاقتْ إليك أيها الغالي المُطوق بأكاليل عتابي، جعلتك مترعا بأنيني، ومحملاً بأساي، حتى وصلني منك الإعراض، وذهب عني إقبالك في انزياح عجيب، مُثقلاً بخيبة أمل لعقتها منك بمرارة، وما أنا إلا تلك الحمالة لأنين الوجد، الذي مار بي في الأرجاء ـ إذ عدتُ من هنالك وفي قلبي وجل منك، من كم الشروخ التي أثقلت جراحي، ومن حمام نواحي، ومن هديلي المنطفيء، يا الله! حين يأسرني طيفك، يصفدني بين أحضانك، يذكرني بوطن ضاع مني منذ سنوات، الغربة فيه زاد الأقرباء، والعزلة وجه الحديث إلى الأصداء، والفراغ المحيق بنا يأكلنا، يلتهم أعمارنا في شراهة و نزقٍ ,


الليل ليل ٌ، مهما بيَّض وجهه الضوء، الظلمة هنا بللتْ قهري وصمتي، بماء وجهك الملائكي، وعبق مرورك الجبريلي، ياحبيبي هل سمعت به سابقاً في كتابات شاعر، أو كاتب، تحفَّك أجنحته حين تُلقي إلىِّ بقبضة من أثرك، أنتشي بها أوقات رحيلك عني، أتقوتُ منه أياماً يمررها لي الوجود في سخاء، لم أعهده منه قبلاً، وكسيدة تتصوف عشقك، أظلُّ على مسبحة العدِّ، أُحصي كم من الوقت بقي، كي أعلنك مليكي في بلاد الندى، وأحملك قنديلاً أستضيء به آخر عمري، وأُسرج من كلماتك زيتاً، يشعل جذوة تعابيري، ويباركُ فتوحات قصائدي، ويلثمُ خد صباحاتي، كلما احتلني اليأس و أنزل مستعمراته بروحي...


لن يموت الحب، مازالتْ ذاكرتي ترفل بقصائد كثيرة ة، تهدلُ بأصوات المحبين لبلادنا، ومازال الخير معقوداً في نواصي الخيل، المُبكرة في طلعتها كل صباح، ومازالت أغنيتنا المُفضلة تصدحُ، من كل نافذة، ومن باب كل بيت، لازال الوطن يحتملُ، مازال يمكنه ألا يأبه لتلك الخدوش، التي تمزق جلده وتلك الرتوش، التي تجعل من السلام عالقاً، مازال الجدار قادراً عبر ثقب ما، أن يُحدث فجوة فنرى الجانب الآخر من الوطن، مهما كان حجبه عنا أمراً مستحيلاً...


روحك الراكضة في شراييني، تتذوق طعم النضج في دمي ـ تصولُ، وتجول أفياء قلبي ـ تدركُ أن كل أبوابي مغلقة إلا منك، وكل الزوايا يلفها الصمت، وتأنف الضجيج إلا في حضورك الهدوء ـ المُنساب كسرابٍ تطارده أحلام الفراشات، بين أوجاع الحقول، وأخابيب الصحراء، أتجردُ مني إلا منك، أتركُني مُنسابة كطفلةٍ، أبحثُ عن وطني الفقيد، بين قطعان المتاهات، منْ يفهم هذا التراب عدانا، نحن الذين غمسنا أقدامنا في وحل ترابه، و ألتحفنا نجومه رداء لأجسادنا العارية كلما أقبل علينا الليل، نتوسده حنيناً، وفي صباحاتنا البهيجة نسرده حلماً، من غيرنا تعفَّر بطيبة وجهه السموح، المعطاء، وقلبه الدافق دفئاً، من غيرنا لثم خدود الصغيرات الآمنات في شوراعنا الهادئة، وتناول قرب أحبائه أقداح قهوة المساء، الدائرة من بيت لبيت، حتى صارت تعرفنا، وتنتظر أن نحركها من لوعة سكونها، من غيرنا سيهزُّ جنبات الكون، ويفتح أيقونة اللقاء، ويزرع أشجار الحب، ويترك للزيتون فرصة الحياة على ترابنا، من غيرنا سيكتب التاريخ الناصع البياض، ويكفُّ عن هزِّ الجهات للجهات، ويترك لغة العتاب للغياب الذي لن يأتي، من غيرنا سيعمر هذه الروح الجميلة التي لم تشخ فينا، مهما حاق بها من ألم، نعرفها، تعرفنا، يعرف الوطن أنها منه...


تعالْ، وحررني من أوهامي، قبل أنْ تهرم أشجار الصنوبر فوق جبالنا الخضراء ـ قبل أنْ يتجردَ البحر من ملوحته، وتتركه شواطئه للغرباء، قبل أنْ ينفذ الصبَّار من صبره، قبل أن تفور ثقوب أرضنا من الغليان، وتصلب فتيانها على قارعة الحرب التي ما تركت لمقاعد الدراسة طلاباً، قبل أن تنطفيء مشاعل العيون المتوقدة لهفة، قبل أن تخلو الديار من ساكنيها، تعالْ وازرعْ في قلبي بذور أمل تحفُّها روعة اللقاء، واحصدني حلماً تحقق لك أن تراه، تعال واجعل الشمس تدورُ بين شقي رحى، اخطفها لي من مرآة السماء، وزين محياي بقبس من نجوم تروم عشق القمر، واترك لي مكحلة ومرودها لألقاك بها، حين يهزمني الدمع من طول العتاب، تعالْ قبل أن يشيخ مُحيا البحر هذا الصيف، ستجدني قرب شواطئها حافية، الماء يُغرقني في يمِها، ويُنعش الوجود بالوجود، تسمعُ أغاني الأصداف المُلقاة برأسها على كتف الرمال الذهبية، تهمس لها بتاريخنا، وبذاكرة الوجوه المارة من هنا، ترفل بأكتافها الممتدة كلما طال بها الطريق المُمتد ....يُنشد لها إننا لن نخذلك...

الأحد، 20 مارس 2016

رقص .....







سأكتبُ نصاً ليس للبكاء
سأقضم فيه تفاحة يأسي
أعني تفاحتي الصفراء ......
البكاءُ موضة كلاسيكية قديمة .
يمكنني عوضا عن ضخِّ الملح من عيني ِّ
أن أشرب كأساً من الشعر !
ثم أجعل رأسي يسقط من دوار اللغة
ومن بؤس حكوماتنا النازف للوريد ... !
يمكنني أن أمنح الشوارع أسماء الزهور
بدلا من أسماء الموتى ...
وأطلي واجهات البيوت الكئيبة
بقوس قزح .......
يمكنني بدلاً من الدموع ..
أن ألعبَ الغميضة مع صور الشهداء
المُعلقة على اللافتات المهترئة ..
و إذا فشلت في مراقصة الفرح
سأنزوي مساء في فراشي
و أفتح ألبوماً ...
يضجُّ برائحة ذكريات قديمة ......

السبت، 19 مارس 2016

مذاق












في هذا البلد المرهف الاحساس ,

في هذه المدينة البيضاء,
في هذه الساعة الواقفة على ساق واحدة .
في هذا اليوم السبخي المالح .
كانت هنا بنغازي .
أصبح اسمها بنغازي .
أضحى اسمها بنغازي .
أمسى اسمها بنغازي .
مازال اسمها بنغازي .


تسكنني بقلبها ......

لا أعرف سر هذا السطر المالح ، المختصر !
و لماذا يعيش فيها الوطن ولا يحتضر ؟


ما أعرفه ...

أنَّ ثمة نوافذ من عشرات الابتسامات 
تُشرع فخذيها للسماء .....
كلما قبلها البحر الهائج .
و أن ثمة أحزان تخرج معجونة من زبد روحها 
فتدخل الأفران ....
لتُورق خبزا يحارب الجوع 


ما أعرفه ...

أن القهوة في حـــانة بنغازية ..
تُشعرك أنك شاعر مجنون ...
تستطيع أن تصعد كتف الزمن 
فوق صهوة الرائحة 
أو تمنحك الشعور بأنك روائي كبير 
أو أنَّ الأصفر كان هنا ..
يسكب الشغف في كوبه المترع بالبن ...
تاركاً روحه مع رواية 
فوق منضدة تشتعل في السرد ...

19/3/2016
اللوحة (النقيزة ) للفنان علي العنيزي .
الأصفر : الروائي محمد الأصفر .


الجمعة، 18 مارس 2016

المنـــسي في السرد






في مدينة الحلم تهدلُ عناقيد فرح أسطورية ، و أطياف النور السماوي تسبح في فضاء الزيتونة المُعلقة في المجرة الوحيدة ، النورُ فيضٌ من أقباس السكون ، و القناديل تُسرج قرص الشمس لفضاءات بعيدة المدى ، الجنةُ أرضٌ خصيبة ، كمدينةٍ يحبها الله ، خارطتها روحٌ من الطيبة ، مخضبة بحناء الوجد ، ذلك الذي يتسلط على كنه الذات ، فلا يأتي إلا بالحديث الهامس ، اللغة فيها استرسال ، يُحيل العصفور لحناً يشدو ، والشجرة إلى وجود مليء بأغصان الحياة ، والغابة إلى عالم ساحر .

هنالك كان حطَّاب الأرض ، يحملُ فأسه و أحلامه ، كلما اقتربت ساعة الفجر من أحضان النهار ، بدأ النهار يترقب بتؤدة ظهور سيدة بيته شمس ، فيتوشح بعباءته الدافئة ، ويمضي في خشوع مهيب ، نحو الضحى ، فالذروة ، فلحظة شبق تخشع لها مآذن الله في الأرض .

حينها يستلقي الحطَّاب على أعناق العشب القصيرة ، يُظلل خارطة الأرض الخضراء ، يبحث عن شجرة تحتضن حكايته ، و ترنو للغة أصابعه ، وكفَّه ممدودة سلالها إلى الله ، كان يهمس ويقول في خلجات روحه : لا أملكُ أن أقطع عنق صفصافة ، ولست عدواً لأشجار السرو ، هبني يا الله فأساً تمنح السكينة ، للروح المتخشبة فلا تسلب أكسجين الله من روح الأرض .

كان يتساءل كيف يتسلط ُ على اللغة ؟ 
ويحيل الفأس إلى عصا ساحرة ، والعصا إلى حكمة السماء في الأرض ، والحكمة إلى دهشة مُحبة ، تخصف أوراق الجنة على الأرض الوعرة العارية من آثام البشر !


كيف يجعل الكلمات تتحول إلى قنديل البحر ؟ أو زهرة توليب ؟ كيف يجعلُ الدببة المتوحشة في الأرض تستحيل إلى يمامات تطلق سراح السلام المحبوس في الصدور ، ويجعل الصدور المُغلقة بأقفال الكبت تفتح أبوابها للريح .
كان يدعو أن يتحول إلى حطَّاب يحطبُ الريح ، فيعيد الاتجاه إلى عكس عقارب الساعة ، الواقفة على ساق الرتابه ، و يدندن على أعناق الهواء حكاية الفأس التي لا تقطع رقبة شجرة ، ويركب البساط العشبي ، يتسربل أحلامه رواء فوق الأرض ، فإن مرَّ بتماسيح فوق النهر أحالها لأسراب من البط .

البط يتدرب هو وصغاره على السباحة في خضاب النهر العاري من الوحوش .
الصغار تمضي ضاحكة ، تستغرق في ماء العذوبة .
العذوبة بسمة الحياة ، إذ ليس ثمة بندقية لاصطياد الفرح هنا ّ .

و إنْ مرَّ بصحراء ، وشاهد تائهاً تاهتْ عنه ناقته ، فأخذته عنوة السراب ، أسبغ عليه من نعيم الظل ، صبَّارات أشرأبتْ أغصانها القصيرة ، فامتدت تعانق السماء ، واستظل بها ، قرب عين ماء فجَّرها من خضاب كفه ، وجعل واحات التمر قريبة ، حتى إذا انهمر الماء من السماء ، فاضت الرمال بأناس فوق كثبان الصحراء ،فأحالوها لمدينة تمتليء بالضحك ، تكبر كلما زادت فقاعات الهواء المنبعثة من الحناجر الضاحكة .

و إن مرَّ بعاشقين مختلفين ، أسبل جفنيه ، و جعل أهدابه تتساقط من كفِّ السماء ، فإذا بها تنزل أمنياتٍ فوق كرسي اللهفة الذي يجمع بينهما ، فأحال الآمال إلى واقع وردي يبتسم له الزوجان في آن .

الزوجان يدربان صغارهما على المشي فوق الأرض .
الأرض تستقبل الخطو بضحكات متناثرة مثل الفوشار .
الفوشار يفيض من دائرة الوجود فرحاً وراء فرح .
الفرح بسمة الحياة ، إذ ليس ثمة من يعكر صفو الخير هنا .

يظل سابحاً في مجرة الحلم ، يستيقظ من هنيهات الدعاء المستغرق في السرد ، على صوت الآذان الذي تمتليء به أحضان الشمس في حضور حبيبها النهار ، يقوم من صلاته ، وهو سعيد بأنه لم يقطع غصناً ، يحمل فأسه على ظهره ، ويعود أدراجه وهو يقول "
:لا أملكُ أن أقطع عنق صفصافة ، ولست عدواً لأشجار السرو ، هبني يا الله فأساً تمنح السكينة للروح المتخشبة ، فلا تسلب أكسجين الله من روح الأرض .